يولد كل منا بيولوجيًا منذ ولادته بنظام التعلق ، وهذا النظام يسمح لنا بالتواصل مع الأشخاص الآخرين من حولنا طوال الحياة. عندما ن...
يولد كل منا بيولوجيًا منذ ولادته بنظام التعلق ، وهذا النظام يسمح لنا بالتواصل مع الأشخاص الآخرين من حولنا طوال الحياة. عندما نشعر بتهديد عاطفي أو جسدي ، نشعر بالقلق أو الإنزعاج ويتم تنشيط أنظمة التعلق لدينا. تتمثل إستراتيجيتنا الأساسية والفطرية في إقامة صلة وثيقة بالآخرين سواء الوالدين أو الأقارب أو الأصدقاء. بهذه الطريقة ، نشعر براحة أكبر ونستعيد إحساسنا بالأمان.
تعريف نظرية التعلق وأثرها علي النمو العاطفي للطفل
يعرّف «جون بولبي» ، مُنظِّر نظرية التعلق ، أي سلوك يُظهره الطفل من أجل إنشاء صلة أوالحفاظ على التقارب الذي يرغب فيه تجاه شخصية مقدم الرعاية الأساسي له / كوالدته مثلا ؛ يعتبر ذلك سلوك إرتباط نفسي آمن ، ويعتبر أن سلوكيات التعلق هذه تهدف إلى حماية الطفل من الأخطار الخارجية .
دور الأم والأب في تقديم الرعاية
عندما تكون الأم حساسة تجاه هذه الإشارات الصادرة عن طفلها وتستجيب لها ، فإن الطفل يرى والدته كملاذ آمن داعم.
أما عندما تنقطع هذه العملية ، أي عندما لا تستطيع الأم الإستجابة لإشارات طفلها بإستمرار ، لا يمكن للطفل أن يطور علاقة آمنة مع أمه. وفقًا لنظرية التعلق ، قد يكون عدم إمكانية وصول الطفل إلى الدعم الكافي والإستحابة من والديه لإشاراته المتكررة ؛ حينها فقط لا يستطيع الأطفال تكوين إرتباط آمن وينظر الي العالم علي أنه مكان خطير ملئ بالتهديدات الغير المتوقعة وحتما لا يستطيع تلبية إحتياجاته الأساسية من الأمان والهدوء والفهم.
كيف تؤثر أنماط التعلق على حياة الطفل؟
الطفل الذي يتلقى الرسائل الإيجابية بإستمرار من والديه مثل "أنا هنا ، أسمعك ، أفهمك ، أقدرك" ، يشعر بأنه مفهوم ، ومقدر ، ومقبول ، وبالتالي يرتبط بشكل آمن بنفسه وبيئته .
لاتقتصر نقل هذه الرسائل الإيجابية فقط بعد الولادة وإنما أيضا تمتد من الفترة التي كان فيها في رحم الأم ، ويستمر من بعدها التواصل الأبوي بشكل عاطفي ، يكتنفه الفهم والتقدير . والاستجابة لإحتياجات طفلهم بشكل يقبل مشاعره كما هي ، دون الحكم أو التقليل أو التجاهل.
أثر الإرتباط الآمن في تحقيق التوازن والتأقلم
تشير الدراسات إلى أن الأطفال المرتبطين بشكل آمن في السنة الأولى من الحياة هم الفئة الأكثر فضولًا وإهتمامًا بإستكشاف البيئة. يعتقد الأطفال الآمنون أنه "يمكنهم التأقلم" في مواجهة الصعوبات؛ كما يمكنهم التعامل بشكل أفضل مع المشاعر السلبية التي يواجهونها في المواقف العصيبة.
لذلك ، فإن الأطفال المرتبطين بأمان هم أكثر نجاحًا في إدارة بيئتهم بإستخدام حدسهم ، علي العكس من الأطفال غير الآمنين هم أقل فضولًا وخجلا" بشأن محيطهم.
أظهرت العديد من الدراسات أن الأطفال المرتبطين بشكل آمن في مرحلة الطفولة المبكرة يمكنهم تحسين علاقاتهم الاجتماعية في السنوات اللاحقة ؛ كما أنهم أكثر كفاءة ؛ يظهرون مهارات إجتماعية أفضل ويتكيفون مع المدرسة بسهولة أكبر من أقرانهم المرتبطين غير الآمنين.
الإرتباط الآمن والتحصيل الدراسي
كما يكشف أن الأطفال المرتبطين بشكل آمن يتم قبولهم بشكل أكبر بين أصدقائهم خلال سنوات الدراسة الإبتدائية ولديهم المزيد من الأصدقاء؛ وهم الأكثر ميلًا لأن يكونوا أفراد هادفين ومتعاونين. علي عكس أقرانهم الذين كانوا مرتبطين بشكل غير آمن يواجهون صعوبة أكبر في العمليات الأكاديمية والتحصيلية .
الأطفال المرتبطين بأمان لديهم رابطة ناجحة مع معلميهم ولديهم ثقة في نجاحهم. هؤلاء الأطفال حريصون على القيام بمهام صعبة في الفصل الدراسي ولديهم دافع كبير للتعلم.
التعلق غير الآمن عامل خطر لتأثيره السلبي علي الصحة النفسية والعقلية يناقضه في التأثير التعلق الآمن .... الصورة الأكثر إشراقاً لتفاني الوالدين في إحراز صورة إيجابية لأبوتهم لدعم نفسية أطفالهم بما يضمن إستقلايتهم في المسار الصحيح ، وإكسابهم المورد الداخلي لإدارة المشاعر السلبية بشئ من المرونة في مواجهة الصعوبات التي تواجههم في الحياة.
